دليل تدبير الفوارق الفردية والأقسام المشتركة بالمدرسة المغربية - نسخة نهائية
السياق:
ندرج إصدار هذا الدليل في إطار مواكبة تحسين اكتساب التعلمات لدى متعلمي المدرسة المغربية، هذا التحسين الذي ينبغي أن يشمل مختلف الفصول والمستويات والمواد ومختلف مكونات شخصية المتعلم، ولا سبيل إلى ذلك إلا من خلال مجموعة من العمليات يتصدرها إنصاف المتعلمين جميعهم، إنصاف يضمن استفادتهم من خدمات المدرسة على قدم المساواة، بحيث يصبح عمل الأستاذ متسما بالمساواة تلقائيا دون تكلف أو تصنع.
ولعل أبرز مظاهر هذا الإنصاف تتجلى في الإيمان بالفروق الفردية للمتعلمين وأخذها بعين الاعتبار عند كل ممارسة تربوية.
فالأطفال يفدون إلى المدرسة من أسر مختلفة المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.ويعد المدرس(ة) هذا مبررا لاختلاف حمولاتهم وطرق تصرفاتهم ونظرتهم إلى محيطهم بما في ذلك المدرسة، هذه الاختلافات يعهد للمدرسة بتدبيرها بشكل ديمقراطي يتغيى تحقيق تكافؤ الفرص وتعبيد الطريق أمام الجميع لاكتساب ما رصد لهم من تعلمات.
إن من شأن الاشتغال بالفروق الفردية أن يسمو بطموحنا من ضمان حق التعليم للجميع إلى ضمان جودة التعلمات مهما اختلفت أمكنة تواجد المتعلمين ومهما اختلفت مكتسباتهم السابقة وكيفما كانت وضعياتهم.
وسيعمل هذا الدليل على مساعدة المدرس(ة) على استثمار قدراته وتجاربه من أجل الرقي بالتعلمات المرصودة للمتعلمين، كل حسب إيقاعه وقدرته في جو يعترف للجميع، ليس بحقه في التعلم فحسب، ولكن بحقه في الحصول على تعلم جيد يأخذ بعين الاعتبار حاجاته ويمنحه فرصة الاندماج في الحياة من خلال إقداره على بناء الكفايات الضرورية لذلك.
كما يصبو هذا الدليل إلى اقتراح أشكال من التجديد البيداغوجي الذي يتأسس على مبدأ المساواة والإنصاف والاستجابة للحاجات المتباينة للمتعلمين. لكن يبقى نجاح تطبيق هذه المقاربة رهينا بدرجة كبيرة بكيفية تعامل المدرس(ة) معها على مستوى التخطيط والممارسة، بكيفية ناجعة ومرنة ووفق نوايا حسنة في الاجتهاد والتطوير.
أهداف الدليل
يتميّز هذا الدليل بكونه طموحا لأنّه يهدف إلى اعتبار أن الفوارق الفردية الموجودة تخص كل المستويات والأقسام في المغرب. فعلى الرّغم من أنّ البيداغوجيا الفارقية لا تملك حلولا جاهزة لكلّ المسائل الهيكليّة المرتبطة بالأقسام ذات المستوى الواحد أو الأقسام المشتركة، فإنّ مرونتها تُقدرها على التكيّف مع واقع الأقسام على تنوّعها: أقسام مكتظة أو مشتركة أو غير متجانسة،...
الدليل واقعي ومتطوّر، إذ أن الفصول تتّصف بشدة التنوّع وعمق التباين. ومن أبرز ذلك ما يلي:
التّنظيم والبيداغوجيا: تنظيميا، ثمّة تشكيلات مختلفة. فمنها ذات المستويين ومنها ذات المستوى الواحد وبفوارق فردية ملحوظة ومنها المستويين أو المستويات الثلاث أو الأربع أو الخمس. أمّا بيداغوجيا، فثمّة اختلاف في أن يدرّس المدرس(ة)بالأقسام الدنيا، حيث أن إشكالية إرساء الموارد الأساسية كما هو الحال في الأقسام غير المتجانسة أو أن يدرّس بالأقسام العليا حيث إشكالية التباعد بين الشرائح العمرية وإشكالية إرساء الموارد (تصاعديّا من قسم إلى آخر وأفقيا بين مستويات القسم الواحد)؛
الواقع البشري والثّقافي: بحكم عمل المدرسين في الأوساط القروية النائية ومن ثمّة، انعزالهم، وعدم تمكنهم من فرص التبادل والتّكوين مقارنة بزملائهم في الوسط الحضري والنّصف الحضري. وقد يقلّص انتشار الانترنت من هذه الفوارق، إذا ما عُممّ على المدارس وعلى وجه الخصوص المشتركة منها؛
لهذه العوامل مجتمعة، يحدّد الدليل الأهداف التّالية:
تكييف الإطار التنظيمي والمرجعي للبيداغوجيا الفارقية مع واقع كل الأقسام المشتركة منها وغير المشتركة، وذلك بتعديل الأدوات البيداغوجية وتدبير أنشطة التّعليم/التعلّم؛
بناء إطار منهجي مشترك يعيد صوغ مراحل الكفاية بما يناسب خصوصية الفوارق في كل قسم وكل مستوى،
تخطيط فترات التعلم خلال السنة الدراسية وكيفية تدبير الأدوات والفضاءات واستعمال الزمن في القسم المشترك خاصة؛
بناء تخطيط تعلّم الموارد وصيغ التعلم بما يناسب الفوارق من تكييف للمنهجيات والأدوات مع واقع هذه الأقسام.
المجموعة ||>> https://t.me/ibhaar_educa
تابعنا على